التعديل الجيني ســلاح ذو حــديــن

الخليج 0 تعليق ارسل طباعة حذف

فيفيك وادوا *

إن ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بداية الجائحة يندرج تحت نظريات المؤامرة، حيث اقترح أن الفيروس المسبب ل «كورونا» إما هو مصمم عن قصد أو نتج عن حادث معملي في معهد ووهان لعلم الفيروسات في الصين.

من المحتمل أن يكون إطلاقه ناتجاً عن حادث، إلا أن العوامل المسببة للمرض فيه ليست خليطاً من الفيروسات المعروفة التي يتوقعها المرء من شيء مخلّق في المختبرات، كما يوضح تقرير بحثي في مجلة «Nature Medicine» بشكل قاطع. وقال الباحثون المشرفون على الدراسة: «إذا كان شخص ما يسعى إلى هندسة فيروس كورونا جديد كعامل مسبب للمرض، لكانوا قد صنعوه من جينوم فيروس معروف بأنه يسبب المرض».

وإذا لم تكن الهندسة الجينية وراء هذا الوباء، فمن الممكن أن تكون محفّز الوباء المقبل. ومع ترك فيروس كورونا آثاراً مدمرة على الاقتصادات الغربية، فإن جميع الأنظمة الديكتاتورية في العالم تعرف الآن أن مسببات الأمراض يمكن أن يكون أثرها التدميري مثل الصواريخ النووية.

ولتصميم فيروس، فإن الخطوة الأولى للباحث البيولوجي هي الحصول على المعلومات الجينية لمسببات الأمراض «Pathogens»، مثل تلك التي تسبب نزلات البرد في فيروس كورونا، والتي يمكن بعد ذلك تعديلها لخلق شيء أكثر خطورة. وفي سبعينات القرن الماضي، استغرق تحديد التسلسل الجيني لبكتيريا «إي كولاي» أسابيع من الجهد وكلّف ملايين الدولارات فقط لتحديد أزواجها القاعدية البالغة 5836 زوجاً، وهي اللبنات الأساسية للمعلومات الجينية.

واليوم يمكن إجراء تسلسل للأزواج القاعدية البالغ عددها 3 مليارات والتي تشكل جينوم الإنسان في غضون ساعات قليلة مقابل حوالي ألف دولار في الولايات المتحدة. وقال لي شون سو، الرئيس التنفيذي لشركة «بي جي آي جروب» الصينية في مجال أبحاث الجينوم، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إنه يتوقع توفير اختبارات للتسلسل الجينومي البشري في محال السوبر ماركت والإنترنت في مقابل 290 دولاراً تقريباً بحلول نهاية العام الجاري.

وتتمثل الخطوة التالية في هندسة الفيروس بتعديل جينوم مسببات الأمراض الحالي لتغيير تأثيره. وتعمل إحدى التقنيات على وجه الخصوص على تسهيل هندسة أشكال الحياة تقريباً كما هو الحال في تحرير مستندات مايكروسوفت. وتستخدم تقنية «كريسبر» لتعديل الجينات، والتي طوّرت منذ بضع سنوات فقط، نفس الآلية الطبيعية التي تستخدمها البكتيريا لقص أجزاء من المعلومات الجينية من جينوم واحد وإدخالها في جينوم آخر. وهذه الآلية التي طورتها البكتيريا على مدى آلاف السنين للدفاع عن نفسها من الفيروسات، تحوّلت إلى طريقة رخيصة وبسيطة وسريعة لتحرير الحمض النووي لأي كائن حي في المختبر.

وفي كتابي «السائق في سيارة ذاتية القيادة»، حذرت من مخاطر تعديل الجينات وتوقعت أنه سيتعين علينا اتخاذ خيارات صعبة بشأن تقييد تقنيات البيولوجيا التركيبية. وعند استخدامها لأغراض جيدة، يمكن أن تساعد هذه التقنيات في حل مشاكل البشرية مثل إيجاد علاج سريع للأمراض، ولكن عند استخدامها لأغراض شريرة، يمكنها أن تعيث فساداً كبيراً.

* رائد أعمال أمريكي في مجال التكنولوجيا- (فورين بوليسي)

0 تعليق