في إطار جهود الحكومة الجزائرية لتحديث المنظومة القانونية المنظمة للحياة الأسرية، تم الإعلان عن تعديلات جوهرية على قانون الزواج خلال العام 2025، بهدف تنظيم العلاقات الزوجية بما يتماشى مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية ورغم ما تحمله هذه التعديلات من نوايا إصلاحية، فقد أثارت العديد من البنود المستحدثة جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والاجتماعية، خصوصا فيما يتعلق بمدى تأثيرها على مكتسبات المرأة الجزائرية وحقوقها القانونية داخل مؤسسة الزواج.

رفع السن القانوني للزواج وتدابير صحية واجتماعية مشددة
نص القانون الجديد على ضرورة بلوغ سن 19 عام كشرط أساسي لعقد الزواج، وهو ما يعكس توجها نحو الحد من ظاهرة الزواج المبكر وضمان النضج العقلي والنفسي للطرفين قبل الدخول في الحياة الزوجية إلا أن القانون ذاته أتاح إمكانية الزواج قبل هذا السن الاستثنائي، شرط الحصول على إذن قضائي خاص مبني على مبررات قانونية واجتماعية معتبرة، مما يمنح السلطة القضائية دورا تقديريا في تقييم كل حالة على حدة.
ومن أبرز التعديلات ذات الطابع الوقائي، فرض تقديم شهادة طبية رسمية صادرة عن جهة صحية معتمدة، تؤكد خلو الطرفين من الأمراض المزمنة أو المعدية التي قد تؤثر على استقرار الحياة الزوجية أو تعرض أحد الزوجين للخطر ويشترط أن يتم استخراج هذه الشهادة في غضون 90 يوما كحد أقصى قبل إبرام عقد الزواج.
ضمان الأهلية العقلية وتوثيق المعاملات المالية
في خطوة إضافية نحو إرساء قواعد زواج مسؤولة ومستقرة، ألزم القانون الجديد المقبلين على الزواج بإجراء كشف طبي للتحقق من الأهلية العقلية والنفسية للطرفين، ما يضمن تحمل مسؤوليات الحياة الزوجية بصورة سليمة كما شدد على ضرورة تسجيل قيمة المهر المتفق عليه ضمن عقد الزواج، باعتباره أحد أركان العلاقة الزوجية الشرعية.
تنظيم زواج المواطنين من الأجانب
سمح القانون للجزائريين بإبرام عقود زواج مع غير المواطنين، شريطة تقديم كافة المستندات المطلوبة، والتي تشمل التأشيرات وتصاريح الإقامة وجوازات السفر، مع التأكيد على أهلية الزواج من الطرف الأجنبي وفق قوانين بلده الأصلي وتأتي هذه الخطوة في سياق احترام حرية الاختيار الشخصي وتيسير إجراءات الزواج المختلط، ضمن ضوابط قانونية صارمة.