في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان نتيجة للأزمة المستمرة، يبذل مصرف لبنان جهودا حثيثة من أجل اتخاذ خطوات تدعم المودعين وتخفف من معاناتهم اليومية في هذا السياق، أعلن المصرف مؤخرا عن تعديلات جديدة تهدف إلى تحسين إمكانية وصول المودعين إلى أموالهم، حيث تقرر تعديل سقف السحوبات الشهرية للمودعين المستفيدين من التعميمين 158 و166، ابتداء من الأول من مارس 2025.

سقف السحوبات خلال مارس
بموجب القرار الأخير، قرر المجلس المركزي لمصرف لبنان زيادة الحد الأقصى للسحوبات الشهرية، حيث تم رفع السقف المحدد للتعميم 158 إلى 500 دولار أمريكي، في حين تم تحديد سقف السحوبات بموجب التعميم 166 عند 250 دولارا أمريكيا، يهدف هذا القرار، الذي سيدخل حيز التنفيذ في مارس 2025، إلى توفير مزيد من السيولة في الأسواق المحلية وتخفيف الأعباء عن المودعين، وقد تم اتخاذ هذه الخطوة بعد سلسلة من المشاورات مع الأطراف السياسية والمالية المعنية.
التأثيرات المباشرة على المودعين والقطاع المصرفي
هذه الإجراءات تمثل تحسنا كبيرا في القدرة المالية للمودعين، حيث تمنحهم القدرة على سحب جزء أكبر من ودائعهم بالدولار الأمريكي، يعتبر هذا الأمر خطوة إيجابية لتحسين الوضع المالي للمواطنين في ظل التضخم المرتفع والاحتياجات المالية المتزايدة، ومن جهة أخرى، يعكس القرار التزام مصرف لبنان بتقليل القيود المفروضة على السحوبات وتحقيق قدر أكبر من الثقة بين المصارف والمودعين، رغم التحديات التي يواجهها المصرف في الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.
التأثيرات الاقتصادية المحتملة
يأتي هذا القرار في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني من أزمة عميقة، حيث تسيطر حالة من عدم اليقين على سعر الصرف والسيولة النقدية في الأسواق. ومن المتوقع أن يساهم رفع سقف السحوبات في تحفيز النشاط الاقتصادي، من خلال تعزيز القوة الشرائية للمواطنين، مما سينعكس بشكل إيجابي على القطاعات التجارية والاستهلاكية ومع ذلك، هناك مخاوف من أن تؤدي هذه الزيادة في السحوبات إلى زيادة الطلب على الدولار في السوق السوداء، مما قد يساهم في زيادة الضغوط على سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم.
إن التحدي الأكبر الذي يواجهه لبنان هو القدرة على التوفيق بين هذه الإجراءات الاقتصادية وبين الحاجة إلى سياسات مالية شاملة ومستدامة تدعم الاستقرار المالي على المدى الطويل.
يمكن النظر إلى قرار مصرف لبنان كخطوة مهمة في سبيل تخفيف الأعباء عن المواطنين والمساهمة في تحسين ظروفهم المالية في ظل الأزمة ومع ذلك، تبقى الحاجة ماسة إلى إصلاحات اقتصادية ومالية شاملة تهدف إلى استعادة استقرار الاقتصاد اللبناني وضمان حقوق المودعين بشكل مستدام.