يعد قانون التقاعد من القوانين المالية والإدارية المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، لا سيما كبار السن، حيث يمثل مصدر دخل رئيسي لهم بعد انتهاء سنوات الخدمة، وقد كان هذا القانون محط اهتمام الحكومات العراقية المتعاقبة، نظرا لدوره في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للموظفين المتقاعدين، وخلال السنوات الماضية، شهد القانون مناقشات عديدة تهدف إلى تعديله بما يحقق العدالة بين الموظفين من حيث شروط التقاعد، مدة الخدمة، والمبالغ المخصصة لهم بعد الإحالة إلى التقاعد
سن التقاعد في العراق

في إطار الإصلاحات المالية التي قامت بها حكومة رئيس الوزراء الأسبق مصطفى الكاظمي، تم تعديل قانون التقاعد، حيث جرى خفض سن التقاعد من 63 عاما إلى 60 عاما، وكان الهدف من ذلك إتاحة الفرصة أمام الشباب للدخول إلى سوق العمل، إلا أن التوجه الحالي للحكومة والبرلمان يسير في اتجاه معاكس، إذ تجري مناقشات حول إمكانية إعادة رفع سن التقاعد من جديد، بهدف الاستفادة من خبرات الموظفين لفترة أطول وتقليل الأعباء المالية الناتجة عن التقاعد المبكر
تأجيل جلسة مناقشة التعديلات الجديدة
كان من المقرر أن يعقد مجلس النواب العراقي جلسة برلمانية يوم الأحد الموافق 12 كانون الأول 2025، وذلك ضمن الدورة التشريعية الأولى للسنة الرابعة، لمناقشة التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، إلا أن الجلسة لم تعقد، وتم تأجيلها دون الكشف عن الأسباب، ما أثار تساؤلات حول مصير التعديلات المقترحة، والتوقيت الذي سيتم فيه إعادة طرح المشروع للنقاش مرة أخرى، فضلا عن تأثير هذه التعديلات على الموظفين المشمولين بها، وانعكاس تمديد الخدمة العامة على الموازنة العامة للدولة والمؤسسات الحكومية
أهمية التعديل وسد الفراغ المؤسسي
يرى الخبير الاقتصادي كريم الحلو أن تعديل قانون التقاعد ليس أمراً مستجداً، فقد سعت الحكومات المتعاقبة إلى تعديله نظرا لأهميته الاقتصادية، مشيرا إلى أن صندوق التقاعد يمثل أحد الصناديق الاستثمارية والسيادية في الدول، حيث يسهم في تمويل المشاريع الاستثمارية ويحقق أرباحا مالية تعود بالنفع على الاقتصاد، وأوضح أن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني لديها توجه واضح لإجراء تعديلات جديدة على القانون لضمان استمرارية عمل الموظفين لفترة أطول
انعكاسات التعديل على المؤسسات والاقتصاد
أكد الحلو أن تمديد سن التقاعد يحمل فوائد عديدة، حيث أن الموظف في سن الستين لا يزال قادرا على العطاء ويتمتع بخبرة واسعة، ما يجعله عنصرا فعالا في المؤسسة التي يعمل بها، وأضاف أن إنهاء خدمة موظف يمتلك خبرة تمتد لثلاثين عاما أو أكثر يؤدي إلى حدوث فراغ وظيفي داخل المؤسسة، يصعب على الموظفين الجدد تعويضه في فترة قصيرة، مشيرا إلى أن الحكومة قامت سابقا بإحالة نحو 300 ألف موظف إلى التقاعد واستبدالهم بموظفين جدد، ولكن عند مراجعة الأوضاع، تبين أن هذه الخطوة كلفت الدولة أكثر مما أفادتها، ما يدفع إلى إعادة النظر في هذه السياسة وإجراء التعديلات اللازمة لضمان تحقيق التوازن بين التقاعد والتوظيف الجديد.